الاثنين، 22 فبراير 2010

تابع آه ... (8)

و بسبب تردد النشال أختفت الأم و طفلها فى لحظة من أمامه حتى أنه لا يكاد يرى اين ذهبت ؟ و يتجهم وجهه و كأنه نادم على ما فعل ...
النشال: ايه مالى النهارده ... هو الحر هيخلينى مش هاعرف أشتغل و لا ايه ، ما هو التردد ده هو اللى خلاها تاخد بالها و تمشى ... دى بقت حاجة تعل ، دى كانت فاتحة الشنطة و المحفظة كانت قدامى .. يلا خيرها فى غيرها بقى ...
هى الناس مالها ؟ شكلها عامل كده ليه ؟ هى دى أشكال تتسرق ؟ ده حتى الست اللى مشيت دى شكلها ما حيلتهاش اللضى ، هاسرق منهم ايه دول ... ههه .. هو عاد حد لاقى ياكل ... ده حتى اللى معاه .. ما بينزلش من بيته و معاه حاجة عدلة ، مش عارف ايه النحس ده ... و كأنه عارف انه هيتسرق و عامل حسابه ... بس لو أعرف أسرق أحلامهم ...
يـــــــــــــــــــــــــــــــاه ... ده أنا كان زمانى بقيت أغنى واحد على وجه الأرض ... ما هو ما بقاش فيه حد شبعان ..كله عايز و عايز و عايز ... كله بيحلم بالفلوس ... اللى معاه و اللى مامعهوش ... كله فاتح بقه ... كله أحلامه تساوى ملايين ... مايلاقوش طريق أسرق بيها أحلام كل الناش اللى حواليه دلوقتى ... طريقة تخلينى آخد أنا كمان و أسرق كل اللى بيتمنوه ... ولا دى حاجة مستحيلة ولا ده حلمى أنا ... ياترى فيه حد عايز يسرقه منى؟!!!
- آه ...
و ينظر الى السماء حتى تقع عينه غلى الشمس الحارقة و كأنه يكلمها و يتوسل اليها بأن تعفوا عنه و تخفف من حدة هذا الغليان ...
- آهــــــــــــــــــــــــــــــــات و أنيـــــــــــــــن ... أحلام تائهة ... و افكار ضائعة ... و نفوس يائسة ... و تحت وطأة هذا الجو الحار تجد بداخل كل ذهن من هذه الأذهان جمرة من النار ... و كأن الشمس أودعتها بداخل كل ذهن حتى تتمكن من السيطرة و تكون لها السياده ...
آهــــــــــــــــــــــــــات و توجعات يرن صداها بداخل كل نفس ... صرخات تكاد تعصف بأصحابها !!! فهل من سامع ؟! فهل حقا يوجد من يسمع هذه الآهــــــــــــــــــــــــات ؟! هل من مغيـــــــــــــــــــــــــــــث ؟!!!!
تمت بحمد الله
آيه شريف،

تابع آه ... (7)

فتلتفت الأم الى طفلها ثم الى الشاب الذى يداعبه و تبتسم ثم تسرع فى مشيتها محاولة أن تحجب الشمس عن راس طفلها بأى وسيلة و فى ذهنها ...
الأم: أف ... فى الحر ده و نسيت أجيب الطاقية للولد ... أعمل ايه أنا دلوقتى ؟ ها فضل ماشية كدة و أيدى على رأسه ... ده حتى كدة مش عاملة أى حاجة برضة و الشمس يا حبيبى مضايقاه ... ما هو بعد قعدة الراجل فى البيت و حالة الأكتئاب اللى هو فيها و أنا بالف فى الشوارع زى النحلة و طبعا الغلبان ده معايا ..
منهم لله الظلمه ، قال بعد كل ده و كل الخدمة دى ، يبيعوا المصنع و يستغنوا عن العماله الزايده عشان يجيبوا خريجى جامعات ، و يبيعوا الأسطوات اللى خدموهم برموش عنيهم .. ما هى آخرة خدمة الغز علقة زى ما بيقولوا ... ده لسة التقيل جاى ورا ... اذا كان لسه معانا فلوس المكافأة و كمـــــــــان مكتئب ، امال لما تخلص و ما يلاقيش شغل و ما نلاقيش ناكل ... ها نعمل ايه بعد كدة ... مش بعيد كمان كام شهر أكون أنا اللى واقفة مكان البنت بتاعة المناديل دى ...
- آه ...
و تفتح حقيبة يدها و تخرج منها منديل صغير، تخفف به عرق طفلها و تضمه اليها بشده، و بينما حقيبتها مفتوحة .. ينظر بداخل الحقيبة نشال يمشى بجوارها ...

تابع آه ... (6)

و تنظر الفتاه الى الشاب الى الشاب الذى برفقتها و تهم بأن تقول له شيئا و لكنها تتراجع فى آخر لحظة و تضغط بيدها على يده و تفكر و تفكر و تفكر ...
- الفتاه: لأ ... لأ بلاش دلوقتى .. أصل الجو حر أوى ... و كده ممكن أصلا لو اتكلمت فى أى حاجة من هذا القبيل نتخانق و أروح متعكننة .
طيب بس لحد أمتى هفضل خايفة أتكلم ... كان مفروض ان هو اللى يتكلم ... احنا بقالنا حوالى سنة مع بعض ... قال لى فيها كل كلام الحب اللى ممكن يتقال لعشرين سنه قدام ... الا كلمة واحدة ماقلهاش ، الكلمة اللى بتستناها اى بنت .. ما قالش "تتجوزينى" ...
لا بس سنة مش كفاية يمكن لسة محتاجين وقت نعرف بعض أكتر ... لأ برضة و هو انا بقول نتجوز بكرة ... بس يقولها ... يجى يكلم بابا ، و لا يمكن يكون أنا اللى غلط عشان باروح و آجى معاه كل أما يحب ... بس معقول عشان كام خروجة و مسك أيدى و حاجات كده بسيطة تانية ... ممكن يكون أفتكرنى رخيصة و مش الزوجة المناسبة ... معقول يكون بيفكر بالطريقة دى !!!
- آه ...
ثم تطرق برأسها أرضا و يتساقط شعرها الذهبى الطويل فوق جبينها و لا تحاول حتى رفعه .. و فى تلك اللحظة ينظر هو اليها و بيده الأخرى يزيل خصلة الشعر المتساقطة على جبينها و يبتسم و ينظر أمامه مرة أخرى ...
- الشاب: يــــــاه ... الجو حر اوى ... أهو الجو الحر ده هو اللى ضرب لنا خروجة النهاردة .. ما كانت مبسوطة و اتغدينا بعد السينما و كله كان تمام .. بس دلوقتى هى ساكتة أوى بطريق تخوف و كأن ده السكون الذى يسبق العاصفة .. مصيبة لو كانت بتفكر فى موضوع الجواز ، أنا مش غبى .. و ملاحظ أنها بقى لها كام يوم أصلا متغيرة و بتلمح و انا مطنش ... و هى ماعدتش مقتنعة أن ظروفى مش سامحة ... طيب و ليه لأ ... ما أقولها فعلا و نتجوز ، ايه ده ؟ ايه ده ؟ هو أنا فعلا ممكن اتجوزها و يتقفل علينا باب واحد أنا و هى .. بعد ما عرفتها كل ده من غير أى ارتباط .. طيب ما احنا كدة كويسين اوى ... أنا أيوه ما أخدتش كل حاجة بس أنا مش طماع و مش عايز أكتر من اللى أخدته و اللى باخده ... و كفاية أوى على كده .. لكن جواز ليه و ازاى ؟ ازاى أضمن انها ماتعرفش حد تانى و احنا مخطوبين ولا حتى وهى شايله اسمى زى ما عملت معايا ... بس السؤال دلوقتى أنا فعلا أقدر أستغنى عنها و أعيش من غيرها ... مش عارف حاجة ... مش عارف حاجة خــــــــــــــــــــــــــالص !!
- آه ...
و يستمر فى النظر امامه حتى تقع عينه على طفل صغير تحمله أمه و ينظر اليه الطفل ببراءة متناهية ... فيقوم بمداعبة الطفل حتى يضحك الطفل بصوت مسموع ..

تابع آه ... (5)

و مما يدور بذهن راكب السيارة الفارهة ...
-راكب السيارة: ياه .. ايه الحر ده .. بدرى كدة الحر داخل علينا السنة دى ... لأ و ايه كل واحد فى الحر ده بيطلع عقده على الناس .. زى الراجل بتاع المرور ده كمان اللى نسى تقريبا ان الاشارة دى المفروض يعنى ناحيتن تقفل و تفتح يعنى .. مش تقفل بس ..
لا و كله كوم .. و الناس اللى بصة على العربية المكيفة دى كوم تانى .. تقلش راكب جنة على الأرض اللى من نار .. محدش عارف انه آخر يوم ليا جواها و بكرة هبقى زى راكب التاكسى ده، اللى عينه هتطلع على العربية،
و زى ما أكون أنا أول مسئول كبير أخد رشوة، قال ايه تقدم استقالتك بهدوء و ترجع كل اللى خدته بدل ما تحصل شوشرة و كلام ممكن يزعلك، طيب الأستقالة و مقدور عليها و لكن صعبة أوى حكاية كل اللى خدته دى و لو أصروا يبقى عليا و على أعدائى بقى، هقول كل حاجة و عن ناس محدش يتوقعها و نشوف مين اللى هيضحك فى الآخر، ده أنا يا دوب لسه مقفل ال 3 مليون، أنا ممكن عشان أسكت محقق المصلحة أدفع له رشوة كده 200 أو 300 ألف ، و 100 تانية يكتب انها رجعت اللى هى آخر حاجة ضبطونى بيها و خلاص ، ما الواحد فى البلد دى ان ما كنش يدفع ما فيش حاجة تمشى، و بالنسبة للعربية المكيفة بتاعتهم دى ياخدوها ... و أنا كمان كام شهر لما الأمور تنام كدة أبقى أجيب لى عربية جديدة ... بس كدة هقضى كل مشاويرى فى الحر ده متبهدل فى المواصلات ... أعمل ايه بس يا رب ...
- آه ....
و فى تلك اللحظة تضرب بائعة المناديل بعزم ما فيها على زجاج نافذة السيارة ليفتح لها ... و لكنه يشير اليها بيده ملوحا لإياها بأن تمشى و تذهب فى الجهة الأخرى ... فتمتم بكلمات غير مسموعة و يعلن وجهها عن غضب لا مثيل له و تذهب من حيث أتت و بداخل ذهنها أفكار تكاد تعصف به ...
- بائعة المناديل: فى الحر ده و الشمس دى ... و بعد الهيلمان ده كله و مش راضى يفتح لى و ياخد منى كيس مناديل واحد .. و كأن مكتوب عليا أعيش عمرى كله أتذلل للناس و هما قاعدين فى عربيات مكيفة بيبصولنا بقرف ... على ايه ما كلنا ولاد تسعة ...
و بعدين ... ها أروح ازاى للمعلم النهاردة و انا مهما أتراذل على الناس محدش بياخد حاجة و لا بيدينى حاجة ... يكونوا عرفونى ، أصلى بقالى كتير مغيرتش مكانى ... و أكيد ماعدوش بيصدقوا انى محتاجة ... بس أنا هعمل ايه يعنى ما أنا و الله محتاجة ... ما أصل المعلم بياخد كل حاجة و يدينى يا دوب اللى يأكلنى عيش حاف ... أنا ممكن أبقى أقول له يبدل بينى و بين عزوز بتاع الأشارة التانية يمكن الناس فعلا تكون عرفت وشى، بس برضة تفضل نفس المشكلة ها أروح ازاى من غير فلوس كده، ده كان يخسف بيا الأرض ...
- آه ...
و تمشى و هى فى غفلة منها تحك بفتاه تمسك بأيد شاب ... و هم الثلاثة فى سن متقارب تقريبا ... فتلتفت اليها الفتاه و تخرج من جيبها خمسون قرشا و تدسها فى يد بائعة المناديل فتأخذها البائعة و تذهب بعيدا